تقرير: ماجدة عبد البديع
بعد صراع طويل مع المرض، رحل «أمين هويدي» عن عمر يناهز الثامنة والثمانين عاما، الرجل الوحيد الذي جمع لأول مرة بين منصبين مهمين، رفيعي المستوي، فكان وزيرا للحربية، ومسئولا من جهاز المخابرات العامة في فترة من أصعب الفترات في تاريخ مصر والأمة العربية، في أعقاب هزيمة يونيو 1967.. كانت له إنجازات تدرس في الأكاديميات العسكرية، مثل تدمير ميناء «إيلات» وعملية «الحفار»، خلق حالة من الزخم والبطولات الحقيقية بين رجال القوات المسلحة.
انضم «أمين هويدي» ابن مركز قويسنا، محافظة المنوفية، لتنظيم الضباط الأحرار، وشارك في ثورة يوليو، وحصل علي ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان الأمريكية، كما حصل علي ماجستير في الصحافة والترجمة والنشر من جامعة القاهرة، وعمل مدرسا في الكلية الحربية، ووضع خطة للدفاع عن بورسعيد والقاهرة، في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956، وعمل مستشارا سياسيا للرئيس جمال عبدالناصر، كما تقلد منصب وزير الإرشاد القومي.
وبعد وفاة عبدالناصر، وتولي الرئيس السادات الحكم، تم اعتقاله ضمن مجموعة 15 مايو، وحوكم ووضع تحت الحراسة.
له خمسة وعشرون كتابا، باللغتين العربية والإنجليزية، كان أهمها، كتاب «كيف يفكر زعماء الصهيونية؟» و«الفرص الضائعة»، و«حرب 67 أسرار وخبايا».
كما كان له عمود أسبوعي مهم بـ «الأهالي» تناول فيه أهم القضايا الوطنية المصرية والعربية إلي جانب مقالاته ودراسته في كبريات الصحف ومنها جريدة «الأهرام».
وزير الإعلام الأسبق «محمد فائق» وصف «أمين هويدي» بقوله: لقد كان أحد فرسان ثورة يوليو، ورمزا من رموز الوطنية، والقومية العربية، جمع بين الحكمة والشجاعة، والنزاهة، واستقلالية الرأي، فرض وجوده، بعلمه وثقافته العالية، وكان كاتبا، ومحاضرا، ومحاورا جيدا.. وقد كُلِف بمهام صعبة كثيرة، كوزير للحربية بعد حرب يونيو 67، ومسئول عن المخابرات العامة، في فترات عصيبة من تاريخ مصر، بعد هزيمة 1967، ويؤكد «فائق» علي أن رحيل «هويدي» يمثل خسارة كبيرة لمصر وللأمة العربية، لما تميز به من وطنية ونزاهة واستقلالية يعتز بها، فقد كان يبدو متمردا علي كل شيء.
أما د. حسام عيسي، المفكر وأحد الرموز الناصرية فيقول: عرفت «أمين هويدي» بعد خروجه من السلطة، وبالتالي فقد عرفت أمين الباحث والمثقف، الجاد، والموضوعي، وكان يعمل مع «د. إسماعيل صبري عبدالله» في جامعة الأمم المتحدة بطوكيو، في مشروع بحثي بعنوان «المستقبلات العربية البديلة» في محاولة لدراسة ما يمكن أن يحدث من مستقبلات مختلفة، وهو ما أكمله د. إسماعيل بعد ذلك بمشروع (2020)، كان «أمين» مكلفا بأبحاث في هذا الصدد.. وكان شديد الموضوعية، فرغم ما كان يحمله «لجمال عبدالناصر» من حب وتقدير، وللثورة ورجالها، إلا أنه كان دائما لديه نظرية نقدية لها، من داخلها.
ويواصل «د. عيسي» ذكرياته مع الراحل «هويدي» بقوله: في إحدي الرحلات «لأديس أبابا» كنا معا علي الطائرة فسألته عن حكاية انتحار المشير «عبدالحكيم عامر»، وكان حينها يتم الترويج لفكرة أن «المشير» قُتِل وكان قريبا من السلطة آنذاك، ولديه معلومات.. فحكي لي عن اللحظة التي أبلغ فيها عبدالناصر عن انتحار المشير وقال: «كنت طالع السلم جري، وعبدالناصر جالس علي كرسي، وعندما رآني أجري وقف متسائلا، ماذا حدث، فقلت له إن عبدالحكيم انتحر، فوقع علي الكرسي، وأمسك رأسه بيديه، ولأول مرة أري عبدالناصر يبكي، وقد بكي «هويدي» أيضا وهو يتذكر ما حدث، لقد كان رجلا شديد الاحترام والجدية».
د. «رفعت السعيد» رئيس حزب التجمع رثي «أمين هويدي» بقوله: عندما يرحل فارس بقيمة «أمين هويدي» فإن من حق مصر كلها أن تحزن، فأمين هويدي هو ذلك الطبيب المصري الذي عالج جراح هزيمة 1967، وبدون أن تلتئم جراح الهزيمة، ما كان يمكن أن يكون هناك السادس من أكتوبر، لكن أمين هويدي واحد من هؤلاء الذين لا يزهون بما يفعلون، ويتركون ذلك للتاريخ، فهم لا يمنون علي الوطن بما فعلوا، وإنما يظلون وعلي الدوام متواضعين، منكرين لذاتهم، و«هويدي» هو ذلك الذي أتي ليضمد جراح الجهاز الأمني الذي أساء البعض استخدامه، فكان طبيبا ماهرا أيضا، وعلي يديه شفيت جراح هذا الجهاز.
ولم تكن مصادفة أنه في هذا الزمان الصعب، تولي «هويدي» المنصبين معا في واحدة من المهام التي لم تتكرر «المخابرات» و«وزارة الحربية».
و«أمين هويدي» هو ذلك الرجل الذي التصق بـ «الأهالي» منذ يومها الأول وحتي يومه الأخير، فتألق فكره الهاديء الرزين الذي تفوح أحرفه بالعطر المصري الأصيل في كل كلمة كتبها علي صفحات «الأهالي»، وإذا كان المصريون والعرب يشعرون بالامتنان لأمين هويدي، وإذا كان الجنود الذين عبروا في 6 أكتوبر يشعرون له بالعرفان بالجميل، فإننا في «الأهالي» نشعر بالزهو، لأنه أدرك قيمة الأهالي، وظل يختصها كل أسبوع بمقاله، لا نقول لأمين وداعا، ولكن نقول له أنت معنا دوما وستبقي معنا.
بعد صراع طويل مع المرض، رحل «أمين هويدي» عن عمر يناهز الثامنة والثمانين عاما، الرجل الوحيد الذي جمع لأول مرة بين منصبين مهمين، رفيعي المستوي، فكان وزيرا للحربية، ومسئولا من جهاز المخابرات العامة في فترة من أصعب الفترات في تاريخ مصر والأمة العربية، في أعقاب هزيمة يونيو 1967.. كانت له إنجازات تدرس في الأكاديميات العسكرية، مثل تدمير ميناء «إيلات» وعملية «الحفار»، خلق حالة من الزخم والبطولات الحقيقية بين رجال القوات المسلحة.
انضم «أمين هويدي» ابن مركز قويسنا، محافظة المنوفية، لتنظيم الضباط الأحرار، وشارك في ثورة يوليو، وحصل علي ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان الأمريكية، كما حصل علي ماجستير في الصحافة والترجمة والنشر من جامعة القاهرة، وعمل مدرسا في الكلية الحربية، ووضع خطة للدفاع عن بورسعيد والقاهرة، في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956، وعمل مستشارا سياسيا للرئيس جمال عبدالناصر، كما تقلد منصب وزير الإرشاد القومي.
وبعد وفاة عبدالناصر، وتولي الرئيس السادات الحكم، تم اعتقاله ضمن مجموعة 15 مايو، وحوكم ووضع تحت الحراسة.
له خمسة وعشرون كتابا، باللغتين العربية والإنجليزية، كان أهمها، كتاب «كيف يفكر زعماء الصهيونية؟» و«الفرص الضائعة»، و«حرب 67 أسرار وخبايا».
كما كان له عمود أسبوعي مهم بـ «الأهالي» تناول فيه أهم القضايا الوطنية المصرية والعربية إلي جانب مقالاته ودراسته في كبريات الصحف ومنها جريدة «الأهرام».
وزير الإعلام الأسبق «محمد فائق» وصف «أمين هويدي» بقوله: لقد كان أحد فرسان ثورة يوليو، ورمزا من رموز الوطنية، والقومية العربية، جمع بين الحكمة والشجاعة، والنزاهة، واستقلالية الرأي، فرض وجوده، بعلمه وثقافته العالية، وكان كاتبا، ومحاضرا، ومحاورا جيدا.. وقد كُلِف بمهام صعبة كثيرة، كوزير للحربية بعد حرب يونيو 67، ومسئول عن المخابرات العامة، في فترات عصيبة من تاريخ مصر، بعد هزيمة 1967، ويؤكد «فائق» علي أن رحيل «هويدي» يمثل خسارة كبيرة لمصر وللأمة العربية، لما تميز به من وطنية ونزاهة واستقلالية يعتز بها، فقد كان يبدو متمردا علي كل شيء.
أما د. حسام عيسي، المفكر وأحد الرموز الناصرية فيقول: عرفت «أمين هويدي» بعد خروجه من السلطة، وبالتالي فقد عرفت أمين الباحث والمثقف، الجاد، والموضوعي، وكان يعمل مع «د. إسماعيل صبري عبدالله» في جامعة الأمم المتحدة بطوكيو، في مشروع بحثي بعنوان «المستقبلات العربية البديلة» في محاولة لدراسة ما يمكن أن يحدث من مستقبلات مختلفة، وهو ما أكمله د. إسماعيل بعد ذلك بمشروع (2020)، كان «أمين» مكلفا بأبحاث في هذا الصدد.. وكان شديد الموضوعية، فرغم ما كان يحمله «لجمال عبدالناصر» من حب وتقدير، وللثورة ورجالها، إلا أنه كان دائما لديه نظرية نقدية لها، من داخلها.
ويواصل «د. عيسي» ذكرياته مع الراحل «هويدي» بقوله: في إحدي الرحلات «لأديس أبابا» كنا معا علي الطائرة فسألته عن حكاية انتحار المشير «عبدالحكيم عامر»، وكان حينها يتم الترويج لفكرة أن «المشير» قُتِل وكان قريبا من السلطة آنذاك، ولديه معلومات.. فحكي لي عن اللحظة التي أبلغ فيها عبدالناصر عن انتحار المشير وقال: «كنت طالع السلم جري، وعبدالناصر جالس علي كرسي، وعندما رآني أجري وقف متسائلا، ماذا حدث، فقلت له إن عبدالحكيم انتحر، فوقع علي الكرسي، وأمسك رأسه بيديه، ولأول مرة أري عبدالناصر يبكي، وقد بكي «هويدي» أيضا وهو يتذكر ما حدث، لقد كان رجلا شديد الاحترام والجدية».
د. «رفعت السعيد» رئيس حزب التجمع رثي «أمين هويدي» بقوله: عندما يرحل فارس بقيمة «أمين هويدي» فإن من حق مصر كلها أن تحزن، فأمين هويدي هو ذلك الطبيب المصري الذي عالج جراح هزيمة 1967، وبدون أن تلتئم جراح الهزيمة، ما كان يمكن أن يكون هناك السادس من أكتوبر، لكن أمين هويدي واحد من هؤلاء الذين لا يزهون بما يفعلون، ويتركون ذلك للتاريخ، فهم لا يمنون علي الوطن بما فعلوا، وإنما يظلون وعلي الدوام متواضعين، منكرين لذاتهم، و«هويدي» هو ذلك الذي أتي ليضمد جراح الجهاز الأمني الذي أساء البعض استخدامه، فكان طبيبا ماهرا أيضا، وعلي يديه شفيت جراح هذا الجهاز.
ولم تكن مصادفة أنه في هذا الزمان الصعب، تولي «هويدي» المنصبين معا في واحدة من المهام التي لم تتكرر «المخابرات» و«وزارة الحربية».
و«أمين هويدي» هو ذلك الرجل الذي التصق بـ «الأهالي» منذ يومها الأول وحتي يومه الأخير، فتألق فكره الهاديء الرزين الذي تفوح أحرفه بالعطر المصري الأصيل في كل كلمة كتبها علي صفحات «الأهالي»، وإذا كان المصريون والعرب يشعرون بالامتنان لأمين هويدي، وإذا كان الجنود الذين عبروا في 6 أكتوبر يشعرون له بالعرفان بالجميل، فإننا في «الأهالي» نشعر بالزهو، لأنه أدرك قيمة الأهالي، وظل يختصها كل أسبوع بمقاله، لا نقول لأمين وداعا، ولكن نقول له أنت معنا دوما وستبقي معنا.